كيف نكتشف هواياتنا؟


 تلعب الهوايات دورا كبيرا في حياة الانسان، إذا اكتشفها وتمكن من معرفة علاقاتها بالمواهب والقدرات، عندئذ يصبح أكثر طموحا بناء على ما يظهر له من عديد هوايات ومواهب، بحيث تجعله صاحب قوة في إرادته وعزيمته وإصراره؛ تدفعه نحو الأمام لتحقيق الأحلام، وإنجاز الأهداف، وفي الوقت نفسه تجعله أكثر إنتاجا ونجاحا .

لكل شخص هوايات كثيرة عادة، لكن معظمها مخبأة وغير قادرة على الظهور، وهو لا يشعر بها، بسبب فقدانه الأدوات المساعدة لممارستها وإبرازها. علما بأن الهوايات لا تظهر تلقائيا، لكنها بحاجة إلى من يكتشفها.. وهنا سؤال يطرح نفسه بقوة: يا ترى أي أداة قد تكون ملاءمة لاكتشاف الهوايات؟

من خلال الدورات التدريبية والتجارب والخبرات التي تحصلت عليها، تجلى لي أن تعريف الهوايات كأنشطة للترفيه، وملء أوقات الفراغ، كان من الخطأ بمكان، كيف لا وبإمكانك أن تحول بعض هواياتك إلى "مهنة حالية أو مستقبلية" ناجحة وكبيرة جداً، تجني منها لقمة عيشك، ليس هذا فحسب بل تجني من ورائها الخير الكثير والمال الوفير. إن كثيرا من الناس يدرسون ويتخصصون في مجالات جيدة بل يحصلون على وظائف من خلالها، ولكن سرعان ما تفتح لهم هواياتهم وأنشطتهم المفضلة أبوابا أخرى، يميلون نحوها مباشرة وبكل شغف بغض النظر عن علاقتها بتخصصاتهم الأولى ومجالاتهم التي درسوها وعملوا فيها، وفي الوقت نفسه تجدهم يقدمون أعمالا مبهرة جداً، ليس هذا فقط، بل إنهم يشعرون بالسعادة والأريحية في تأديتها..

بانضمامي لدورات اكتشاف الهوايات باستخدام نموذج آسك، زادات طموحاتي بكثير وتعرفت على علاقة التطوع بالهوايات، والتحقت فورا بدورة في الإسعافات الأولية.. واكتشفت قدراتي وأنشطتي المفضلة، واتضح لي من آسك أن المعرفة والمهنة عنصران مشتركان بين الهوايات والطموحات، كما أن للمعرفة علاقة متينة وواضحة مع الهوايات.

ظهر نموذج آسك في وقت أكثر ما نكون حاجة إليه، كيف لا وهو أداة تلعب دور "المجهر الذكي" لكشف المواهب والهوايات والطموحات المخبأة لدى المرء، وتعد مفتاحا حاسما في مساعدته للتفريق بين المفردات المتقاربة، ومعرفة العلاقات بينها.للنموذج وسائل وأدوات كثيرة تستخدم في شرح الفكرة للمتدرب؛ ليتمكن من معرفة مواهبه (قدراته) وهواياته (أنشطته) ومدى علاقتهما بطموحاته المستقبلية بكل سهولة ويسر.. والنموذج مؤهل لمعالجة عدة مشكلات تربوية بمساعدته الطلاب في اكتشاف الهوايات وفي خططهم الدراسية والمنشطية، بما يقدمه من أدوات ووسائل جيدة ومواكبة للعصر وفعالة شاملة، ليست لمستوى محدد بل لجميع المستويات العمرية والدراسية.

ويعد ASC أداة ذهبية للمعلم يكتشف بها مواهب طلابه وهواياتهم وطموحاتهم، ومن ثم يستطيع أن يوجههم بكل سهولة ومرونة؛ حيث يمكنه من اكتشاف ميولاتهم ورغباتهم، والمجالات الملائمة مع قدرات كل واحد منهم. ويحتاج المعلم للتعمق في معرفة النموذج وعناصره الرئيسية، وكيفية التعامل مع اختباراته الأساسية، ومعرفة استخداماته ومستخدميه مثل مراكز التدريب، مشرفي التربية والتعليم، والباحثين في المجال التربوي. 

جدير بالذكر أن توجيهنا لطلابنا حسب درجات شهاداتهم أسلوب عفا عليه الزمن، لأنه لا يكشف لنا حقيقة الطالب، وما لديه من قدرات وميول، حتى نوجهه إلى المساق أو القسم المناسب. إن النتائج التي يتحصل عليها ربما تكون عكس رغباته وميوله، بسبب ظرف من الظروف، وعلى سبيل المثال، فإن عدم توفر معلمين أكفاء للمواد المحبوبة للطالب، قد يتسبب في استيعاب أقل لهذه المواد، بينما يجد في المواد الأخرى التي لا يفضلها، معلمين أكفاء ويحصل على نتائج أفضل بكثير.. وهذا كثير وملاحظ. 

يمثل "آسك" مفتاحا للأذهان ومجهرا لكشف المواهب والهوايات والطموحات المهنية، ومخططا جيدا للأنشطة. أتمنى أن يصل النموذج إلى كل المعلمين في العالم، وأن يترجم إلى لغات أخرى. 

يونس السيوطي

معلم تشادي

إرسال تعليق

أحدث أقدم