الجامعة النورية بكيرالا؛أم المدارس ومشكاة العلوم الدينية


يقدم المسلمون في ولاية كيرالا نموذجا في مجال المعرفة الدينية باتباع نظام تعليمي مثالي، وقد تطورت أساليب التعليم في الولاية من حلقات الدروس إلى دروس المساجد، ومن المدارس الدينية إلى الكليات العربية ومن هناك إلى الجامعة الإسلامية المستقلة.

الجامعة النورية العربية مؤسسة علمية وأول كلية في ولاية كيرالا تقدم مثالًا فريدًا في مجال التنوير المعرفي. حيث أنشئت  الجامعة لتصبح وسيلة لتعبئة الموارد العلمية  دون أن تفقد ثراء التقاليد، وقد أظهر التاريخ أن جميع المؤسسات الدينية والكليات العربية في ولاية كيرالا كانت من نتاج الجامعة، ولذا سميت ب"أم المدارس" لأنها أم المعاهد الدينية والعلمية في الولاية، ربتها بالمناهج الدراسية وبأساليبها الممتازة.

النورية كلية ومؤسسة فريدة في منهجها وشامخة بهامتها العلية، المتوكلة على الله ثم الذيول الطويلة وأصحاب كثرة الرماد، التي تساهم وتتبرع لأجل الأمة، وعزمة أثمرت بجهود رجال لهم الإخلاص والوفاء والهمة، تنور قبورهم الدرر العلمية وترتاح أرواحهم الجواهر العلية بالعلوم الدينية، وهم رجال أفذاذ التاريخ مثل كوتوملا أبو بكر المسليار والسيد عبد الرحمن البافقيه وشمس العلماء إي كي أبو بكر مسليار والسيد بي يم اس اي بوكاي من علماء الجمعية وأمراء الأمة بالولاية، نجوم سطعت ورفعت الأمة من ظلمة الجهل إلى نور المعرفة، وتتذكرهم كيرالا تبجيلا وتكريما. وقد قدمت الجامعة أسلوبا جديدا في التعليم العالي الإسلامي، مختلفا من المناهج المعتادة المتقلدة في المنهج الدراسي، ويعد هذا الحرم الجامعي خزانة العلماء العباقر للتعليم الإسلامي ومعقلا دينيا لحماية التراث التقليدي بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن.

تعتبر الجامعة النورية العربية، الجامعة الإسلامية العليا في جنوب الهند ومخ الدعوة الإسلامية في هذه النواحي من العالم. وهذا المركز المرموق للتعلم الإسلامي المتخصص كاد أن يحتفل باليوبيل الماسي في السنة القادمة. منذ أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، كانت كيرالا مباركة للتأثير الإيجابي للإسلام بوصفه أسلوباً للحياة. وكانت هذه الولاية المستنيرة تتمتع بالمكانة الأولى في مجال المعرفة والثقافة. وكان المصدر المبكر للمعارف الإسلامية يتألف في المقام الأول من الحلقات التي تتمحور حول المسجد ، والمنابر النبيلة للخطبة الإسلامية. وكانت مدينة مالابار في فونان مقدرة بشكل رائع لاستضافة الأسرة المخدومية التي جعلت من المدينة عاصمة ثقافية وتعليمية. وفازت المدينة في نهاية الأمر بلقب "مكة الصغيرة أو مكة مالابار" وكانت لها مكانة عالية في المراكز التعليمية الإسلامية في جميع أنحاء العالم! يخبرنا التاريخ كيف شق العلماء من ماليزيا وسنغافورة وملديف وسري لانكا طريقهم إلى فونان بحثاً عن الحقيقة الأبدية!

حينما كانت الولاية غنية بالمعاهد الدينية وحلقات الدروس للعلوم الدينية وارتفعت عزة الدين وثقافته في الولاية وذلك أن خريحي هذه المعاهد والدروس كانوا ينتقلون إلى مؤسسات خارج الولاية للدراسات العليا وذلك عسر بعد العسر لهؤلاء العلماء، ومن هنا ارتفعت مبادئ مؤسس علمي للدراسة العليا واجتمع علماء جمعية العلماء لعموم كيرالا للتشاور فيها وبدأت مباحثها وتشاوراتها في قيادة الأستاذ كوتوملا أبو بكر المسليار، حتى أن الحاج بافو أهدى جميع ممتلكاته لتأسيس الجامعة وافتتحت الدراسة في المؤتمر العام سنة 1963 وذلك بإلقاء الشيخ قطبي محمد مسليار درسا من تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي رحمه الله بمسجد رحمانية، ونشرت ضوءها على مدى الأجيال والقرون.

نشأت الجامعة النورية وامتدت أنشطتها إلى الولايات الأخرى حتى وصلت الكليات التابعة لها إلى 63 ويتعلم فيها أكثر من 5000 طالب، وجمعت العلماء الخريجين من مختلف الكليات والدروس تحت مظلة واحدة لابتكار مشاريع جديدة وخطوات قيمة لتنمية الأمة وتكوين مجتمع علمي، وتخرجت من حرم الجامعة جيوش الأمة القادمة، ومن مفاهر الجامعة أنها تأسست تحت إشرافها كلية للهندسة ومركز للدراسات الإسلامية في ذكرى السيد محمد علي شهاب وغير ذلك من المعاهد والمراكز العلمية. عندما تحتفل الجامعة بمؤتمرها السنوي بعد 59 عاما تكون قد تخرجت من الجامعة علماء كثر بشهادة "الفيضي" نسبة إلى موطنها فيضاباد، حتى استعادت الأمة قوتها المفقودة وكأن الجامعة مشكاة فيها مصباح تضيئ الأمة الإسلامية بولاية كيرالا.

- المصادر والمراجع:
- جريدة سبربادم الميالمية
- جريدة تشندريكا المليالمية
- منصة  www.islaminkerala.in

بقلم زبير بن عبد العزيز

2 تعليقات

  1. الردود
    1. الجامعة النورية بكيرالا؛أم المدارس ومشكاة العلوم الدينية. https://youtu.be/gFDD6Uo3KHM

      حذف
أحدث أقدم